اسم المقالة: محرك المضي
مدى المقالة: قصير
نوع المقالة: أدبية
رقم المقالة المصحفة أدبيًّا: 24
تاريخ النّشر: 1/1/28  أدبي.


    أترى من يقتطع الأشجار بفأسه، حيث يضرب بقبضته، ويمسح عرقَه، ويلهث نَفَسُه، أثمَّ إذا خرَّ له الجذع، وانضرب بالأرض، استلمه يجتزئه، ويقتطعه، كأنه وليمة صيدٍ ظفر بها، بعد عدوٍ طويلٍ، وجوعٍ مرير، وجهدٍ عسير، أثمَّ إذا رصَّ وربط، وهلمِّ أخذًا ووضعًا لحزمٍ تعادلُ ضِعف الجسد، على جسدٍ يعادل ضعف الحزم عزمًا.
   ومضى به سائرًا يسترزق، وعلى طريقه السائل المترزِّق، على الهضبة مستقطع، يعيَّر ضاحكًا: "أقبلَ أفقرُ عابرٍ"، ويقف عاثرًا، حيث أدناه منه مستحسنًا، فأنتهز الفرصة ودفعه، فهوى متدحرجًا، وأخذ يعترك مع المنحدر، وتعتركه الحزم، ومُلِئت الساحة نقعًا، فلمّا تجلت الرؤية، رأى الحطَّابَ ينفضُ الغبرةَ، ويتفقد الصرعى.
   ناداه الحطابُ مستنكرًا: إن كنت لها، فإن الغابَ بالشجر مملؤ، والفأس بحده مصنوع، والساعد لكلينا مخلوق، فأمَّا العزْم عندي، والهزْم عندك، فتُسقط الأجساد، وتعثِّر الأحمال، لسقوط عزمٍ لم تلتقطه، وخواء نفسٍ لم تحتمله.
   مارفعت الشأن، ولامنعت الفضل، أسيرُ مُحَمِّلًا، لستُ أسيرًا مُحْمَلًا، فالبون شاسع، والحد فاصل، فلا تحسبنَّ أنك بفعلك قد أعجزت وأزعجت، بل إنك قد كشفت وأفضحت، فطريقي سارحٌ عليه ورائحٌ، ولستَ فيه إلا علامة، إن شئتُ أشعلتُ عليها أو أزحتها بالخشب

انتهت القصة، وبقيت العبرة، الطرق كثرٌ، والعثرات أكثر، فإما أهل عزمٍ فنمضي، أو أهل هزمٍ فنُلقي.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق